أدي التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد إلي رفع مستوي القيود المفروضة علي الأختلاط بين ملايين البشر.
و دفع الوضع الجديد عددا من الدول إلي حظر السفر من و الي بريطانيا التي فرضت سلطاتها المستوي الرابع من تدابير مكافحة فيروس كورونا .
لكن ، السؤال يكمن هنا…
كيف تطور أمر السلالة الجديدة للفيروس في غضون أشهر معدودة ؟
يري مسؤولو الصحة في بريطانيا أن هذه السلالة الجديدة للفيروس أكثر قدرة على الانتشار من السلالة الأولي.
كما أن الأمر لايزال في بدايته، إلا انها غامض و يثير الكثير من التساؤلات.
و من الثابت أن الفيروسات تتحور طوال الوقت .
إذا لما القلق من السلالة الجديدة للفيروس ؟
جمعت هذه السلالة الجديدة عوامل جعلتها موضع لإثارة القلق . أول هذه العوامل سرعة الأنتشار ، مما اعطي انطباعا بأن لها السيطرة علي السلالة الأصلية.
العامل الثاني هو قدرة هذه السلالة الجديدة علي تطوير الطفرات الجينية تطويراً يؤثر علي سلوك الفيروس.
و الثالث هو قدرة هذه الطفرات الجينية علي تمكين الفيروس من إصابة الخلايا بشكل أكبر مما يعني زيادة معدل قابلية العدوي.
و بفضل هذه العوامل بات الأنتشار سهلا أمام فيروس كورونا في نسخته الجديدة .
ما مدي سرعة انتشار سلالة فيروس كورونا الجديدة ؟
تم اكتشاف هذه السلالة لأول مرة في سبتمبر /أيلول الماضي ، و بحلول نوفمبر / تشرين الثاني كانت لدي رُبع عدد المصابين في لندن .
و يصعب الوقوف علي مدي سيطرة السلالة الجديدة علي نتائج المسحات في بعض المراكز الطبية في لندن .
كما و يشير الرقم الذي ذكره رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلي أن السلالة الجديدة قد تكون أكثر قدرة على التفشي بنسبة تصل إلي 70 في المئة .
و قال جونسون إن ذلك قد يزيد معه معدل قدرة الشخص المصاب علي نقل العدوي لآخرين بنسبة 0.4 .
كما و يستدل علي مدي تفشي الوباء من معدل قدرة المصاب علي نقل العدوي للآخرين .
وظهرت نسبة الـ 70 في المئة في محاضرة ألقاها إريك فولز، باحث جامعة إمبريال كوليدج في لندن يوم الجمعة.
وأوضح فولز في محاضرته
“من المبكر جدا الفصل في الأمر … لكن مما رأينا حتى الآن، تتفشى السلالة الجديدة من كورونا بسرعة بالغة، بأسرع مما كانت عليه النسخة السابقة من الفيروس نفسه. لكن من الأهمية بمكان أن نظل نرصد سلوك هذه النسخة الجديدة”.
ولا يوجد رقم ثابت يعيّن درجة قدرة السلالة الجديدة من فيروس كورونا على الإصابة. ويشير باحثون إلى أرقام تتخطى الـ 70 في المئة وأخرى تقلّ عنها.
كيف ومتى انتشرت السلالة الجديدة من فيروس كورونا؟
يُعتقَد أن سلالة فيروس كورونا الجديدة تخلقت في رئة مصاب في المملكة المتحدة أو في بلد آخر ذي قدرة أقل على رصْد الطفرات الجينية التي يطورها الفيروس.
ويمكن رصد هذه السلالة الجديدة في عمومٍ متفرقة من المملكة المتحدة، ما عدا أيرلندا الشمالية. لكنها موجودة بكثافة في لندن، وشرقيّ، وجنوب شرقي إنجلترا.
وتُظهر البيانات الواردة من حول العالم أن حالات الإصابة المسجلة بالسلالة الجديدة من الفيروس في كل من الدنمارك، وأستراليا، وهولندا، هي لأشخاص قادمين من المملكة المتحدة.
وظهرت سلالةٌ أخرى شبيهة من الفيروس في جنوب أفريقيا. وهي تشترك في بعض صفاتها الجينية مع السلالة التي ظهرت في بريطانيا، لكنهما مختلفتين فيما يبدو.
هل عرف العالم مشهدا مشابها من قبل؟
الإجابة: نعم؛ إن الفيروس الذي اكتُشف أول مرة في مدينة ووهان الصينية، ليس هو ذات الفيروس المستشري الآن في أنحاء المعمورة.
وفي فبراير/ شباط الماضي طرأت طفرات جينية D614G على فيروس كورونا الأول في أوروبا ومنها تمددت النسخة الجديدة في العالم.
في غضون ذلك، ظهرت نسخة أخرى تُدعى A222V في أوروبا أيضا، ونُسبت تحديدا إلى المصطافين الإسبان.
ماذا نعرف عن الطفرات الجينية الجديدة لفيروس كورونا؟
رصدت دراسة مبدئية عدد 17 تحوّرًا مهمًا لـفيروس كورونا حتى الآن.
ورُصدت تغيرات في البروتين الشوكي أو مستقبلات الفيروس التي يستخدمها كسلاح أساسي في الارتباط بمستقبلات الخلايا البشرية قبل أن يخترقها ليجندها لإنتاج حمضة النووي.
كما وأن أحد هذه التغيرات في البروتين الشوكي يُدعى N501Y، وآخر يُدعى H69/V70.
ويستميت الفيروس في البحث عن وسيلة تُيسّر عليه مهمة اختراق خلايا الجسم البشري.
كما ويُضعف هذا التغير الأخير H69/V70 من قدرة الأجسام المضادة التي تكونت لدى الناجين من إصابة بفيروس كورونا؛ بحيث تضعف جبهتها في مقاومة أي هجوم جديد يشنه الفيروس على الجسم، بحسب رافيندرا غوبتا، الباحث في جامعة كامبريدج.
من أين أتت سلالة فيروس كورونا الجديدة؟
أكثر التفسيرات احتمالا يقول إن السلالة الجديدة تخلّقت في رئة مريض يعاني ضعفًا في جهاز المناعة تركَه عاجزًا أمام فيروس كورونا الذي وجد بدوره في رئة هذا المريض مستعمرة مواتية للتحوّر.
هل بات فيروس كورونا أكثر فتكًا في نسخته الجديدة؟
لا دليل على ذلك، رغم ما يحتاجه الأمر من رصد ومتابعة.
هل تُجدي اللقاحات مع السلالة الجديدة من فيروس كورونا؟
نعم، وبكثير من التأكيد. أو على الأقل لحدّ الآن.
وتوفّر اللقاحات الثلاثة الرائدة حائط صدّ منيع ضد السلالات الموجودة الآن من فيروس كورونا.
كما وتساعد اللقاحات جهاز المناعة في مهاجمة أجزاء عديدة مختلفة من الفيروس، وحتى لو طرأت طفرات جينية على أجزاء من الفيروس، تظل اللقاحات تقوم بعملها المساعِد لجهاز المناعة.
“لكن لو تركنا الفيروس يطوّر المزيد من الطفرات الجينية، عندئذ ينبغي لنا القلق” بحسب غوبتا، باحث جامعة كامبريدج.
ويحذر الباحث: “اتخذ الفيروس خطوتين حتى الآن على طريق تفادي هجمات اللقاح عبر تطوير طفرات جينية”.
وقد تمثل هذه الحقيقة أكثر بواعث القلق. تماما، كما تمثل هذه السلالة الجديدة آخرَ تعبيرٍ من الفيروس عن قدراته على التكيف وإصابة المزيد والمزيد من البشر.
يقول دافيد روبرتسون، الباحث في جامعة غلاسكو:
“استمرار قدرة الفيروس على تطوير طفرات جينية تساعده في تفادي هجمات اللقاحات، أمرٌ متوقّع ”